محاربة الفساد بالتقاليد /محمد الأمين لحويج

محاربة الفساد تتطلب أساسًا قويًا واستعدادًا شاملاً قبل التنفيذ الفعلي. فمن المهم أن نبني أسسًا تعليمية وثقافية وإدارية قوية تدعم مكافحة الفساد بفعالية. لا شك أن لدينا تحديات على مستوى مفاهيم الدولة والإدارة الاقتصادية والإدارية؛ حيث إنها ما زالت بعيدة عن الانخراط الكامل في المجتمع. لذلك، أرى أنه من الضروري تحقيق ما أسميه “اگْلِيعْ التَّبَرَّانِيتْ عن المفاهيم”، أي دمج المصطلحات الإدارية والاقتصادية في المجتمع، بحيث تكون قريبة من احتياجاته وفهمه.

في التجربة الغربية، تم تحقيق هذا الهدف من خلال الاعتماد على اللغة المحلية لتسهيل التواصل بين المواطن والإدارة، إلى جانب تفعيل القانون كوسيلة توعية وتهذيب قبل أن يكون وسيلة للعقاب. وبهذا، نجد المواطن الغربي على دراية بما يحتاجه من الإدارة، وأحيانًا يكون أكثر معرفة بالإجراءات الإدارية من بعض الموظفين، مما يعكس نوعًا من الثقافة القانونية والالتزام بالقوانين.

الخلاصة هي أن بناء ثقافة قانونية في المجتمع وجعل القانون وسيلة توعوية سيكونان من أقوى أساليب محاربة الفساد.

إضافة إلى ذلك، أرى أن تسمية إدارة محاربة الفساد باسم الحلة سيساهم في تعزيز الانتماء إليها؛ إذ سيكون من الصعب على من ينتمي إلى الحلة الانخراط في الفساد. فالانتماء لها سيتطلب محاسبة ذاتية، كما كان أولاد امبارك يحاسبون أنفسهم على شور ازَّايقْ ، بحيث يصعب على أحدهم أن يُتهم بعمل يتنافى مع العادات النبيلة. بذلك، يصبح الحساب هو حساب النفس، ويكون على التدينيت.

بإيجاز، فإن جعل الإدارة جزءًا من المجتمع يحتاج إلى دمجها في التراث وتكريس مبادئ الشرف والأمانة فيها، بحيث يلتزم كل فرد بتلك القيم ويكون من الصعب عليه أن يخرج عن هذا الإطار الأخلاقي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى